هناك أخلاقيات يجب أن يتَّسم بها المحامي، أو الوكيل بالخصومة. وتتبلور تلك الأخلاقيات في أن تتطابق تصرفاته مع مقتضى القيم الأخلاقية الصحيحة المتعارف عليها. وأن يكون سلوكه المهني أمام جهات الاختصاص القضائي وغيرها من الجهات التي يتعامل معها بحكم مهنته، سلوكاً يتسم بالمحافظة على الشرف والعفة والنزاهة والإخلاص وغيرها من القيم الأخلاقية النبيلة المستقرة بوجدان الإنسان المسلم. وهناك في الوقت نفسه واجبات يجب أن يلتزم بها المحامي، ليسهم بإيجابية من خلال دوره الهام في تحقيق العدالة ونصرة الحق، فيجب أن يتشكل خُلُق المحامي في الإطار الذي يحدده الالتزام الأخلاقي الإسلامي، ومعاييره الأخلاقية التي تميز بين السلوك الأخلاقي وغير الأخلاقي. من ذلك أن يلتزم بالإيمان بالله، والإخلاص، والصدق في القول والعمل، وإتقان العمل، وغيرها من المعايير الأخلاقية الأخرى، لقوله عزَّ وجل }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (سورة التوبة، الآية 105).
إن اضطلاع المحامي بواجباته المتعددة تجاه موكّله، وزملائه والقضاء، بالصورة الإيجابية المطلوبة يؤكد الجانب الأخلاقي الواجب تحقيقه لشخصيته المهنية، ويقوده لأداء واجباته المهنية بالصورة المثلى التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، وتجعله يحوز على احترام المجتمع. وقال تعالى من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (سورة النحل، الآية 97).
إن ذلك الإلتزام يشكل جانباً مهماً من الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتحلى به المحامي للحفاظ على شرف المهنة وكرامتها، ويكتمل ذلك بتوفير القيم الأخلاقية الحميدة التي يجب أن يتصف بها الوكيل في سلوكياته وتعامله مع الجميع، ومن خلال كافة أدواره لممارسة المهنة، ليتمكن من تحقيق العدالة هدفاً وغاية، والارتقاء بأسلوب التعامل والممارسة إلى رفعة المكانة التي تستحقها مهنة المحاماة أو الوكالة بالخصومة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الإسلام يوجه المسلم إلى أن يعمل ويتعاون لمصلحته ولغيره فليس المسلم مسؤولاً عن ذاته وحدها، بل إنه لابد أن يمد بصره إلى جماعة المسلمين، ليتعاون معهم ويتراحم ويتعاطف، ويرشد الناس إلى الحق والخير والفضائل ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا النهج الأخلاقي لازم للمحامي الأمين على حقوق موكله، حيث يكون خير دافع له للوقوف إلى جانب الحق، ورد موكله عن الظلم واللدد في الخصومة إذا لم يكن صاحب حق.
العدل
إن العدالة وثيقة الصلة بالقضاء، والعدل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، وهذا العدل يجب أن يؤسس لدى المحامي على اقتناع كامل بأن الحلال ما أحله الله تعالى، والحرام ما حرمه في كتابه الكريم وسنة نبيه، والعمل بالحلال واجب، والابتعاد عن الحرام ثم التنزه عما فيه شبهة الحرام.
وتحلي المحامي بهذه الصفة الخلقية الحميدة تدعيم لقدراته على إحقاق الحق وإقامة العدالة ومحاربة الظلم، فلا يُغبن أحد الخصوم، بل يعمل على التعامل مع الخصومة على أساس شرعي ترتاح له النفوس، وتنقطع به الخصومة، فيأتي الصلح بعد ذلك على أساس من النقاء والصفاء، لما في ذلك من خير وتقوى.
الأمانة
وهي ركيزة هامة لأخلاق المحامي. والأمانة هي تاج الفضائل. وليس أدل على أهميتها من بيان وخطورة حملها في قوله عزَّ وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (سورة الأحزاب، الآية 72). وقد أمر الله سبحانه وتعالى العباد بتأدية الأمانة والحفاظ عليها، إذ قال سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمًا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً (سورة النساء: الآية 58).
وتقتضي الأمانة أن يراقب المحامي ربَّه، فلا يشتط على الناس فيما يقرره من أتعاب مقابل عمله، وأن يصدق موكّله القول، وينصحه ليهديه إلى جانب الصواب، وأن يكون كاتماً لسره، وأن يُسَهَّل له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه، وألا يزعجه أو يثير الرعب في نفسه، كذلك ألا يطمئنه بإسراف، وأن يعامله في أدب بغير تذلل.
كذلك تتطلب أمانة المحامي أن يُؤْمن بقدسية القضاء، بغض النظر عن شخص القاضي، وأن يكون صادقاً، معاوِناً للعدل بإخلاص، وألا يحاول تعطيل الفصل في الدعوى متعذراً بالأعذار المختلفة، وأن يصون لسانه، فلا يطلقه في سمعة القاضي الذي خذَله، وخاصَّة أمام الموكّل.
وتتطلب الأمانة أخيراً أن يكون المحامي أميناً لخصم موكله بألا يفتري عليه، وينعته بالألفاظ النابية، أو يذكر عيباً أو نقائص شخصية بعيدة عن موضوع الدعوى.
الصدق
الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه في الواقع، وعكسه الكذب الذي هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه. وفي كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من الآيات البينات في الثناء على هذه الفضيلة، وكونها ثمرة الإخلاص والتقوى.
وغني عن الذكر، ضرورة أن يتحلى المحامي بهذه الصفة، فهو أمين على حقوق موكله، فيجب أن يصدقه القول في كل شأن، وأن يقدم له رأياً صادقاً صريحاً في موضوع الدعوى وفي نتيجتها المحتمة، وألا يلجأ للكذب بتضخيم دوره وخدماته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الجهد الذي يبذله.
الصبر
أكد الإسلام على الصبر ليجعل الإنسان المسلم ناجحاً وذا فائدة وشخصية قوية، ويصبح إنساناً ذا عزم وهِمَة ونشاط وثبات، وإذا كان الصبر قوام الحياة كلها، فإنه ألزم ما يكون من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي، ذلك أن الصبر ضبط لهوى النفس، وفيه تحقيق لصفة الإنسانية، وتقويه لأواصر المجتمع. فيجب على الوكيل بالخصومة أن يتحلى بالصبر ليصل إلى حق موكله المشروع إقامة للعدل.
تجنب النفاق
إن المحامي صاحب رسالة، فيجب ألا يكون منافقاً أو متملقاً؛ إذ إنه يعبر عن خلق قويم، ويمثل رأياً منصفاً، وينصر حقاً على باطل. والنفاق صفة مذمومة نهى عنها الإسلام، قال نبي الله سيدنا المصطفى محمد
الثقة بالنفس
ثقة المرء بنفسه من أهم مقومات الشخصية، وهي تضفي على الشخص مظهراً يُوحي للناس باحترامه، وتقديره، ويدفعهم إلى التعامل معه والوثوق به، وتحيطه بهالة من التبجيل، بحيث يُصْغَى إليه عند الحديث، ويُخْشَى عند الغضب. والمحامي هو أحوج الناس بالثقة بالنفس، ليتمكن من أداء عمله بوضوح، وليس للإنسان منهج حياة أفضل من إتباع أوامر الله عزَّ وجل ليكون عمله وتصرفه بنور الله.
الشجاعة
إن الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المحامي هي شجاعة الرأي، وهي أسمى أنواع الشجاعة، فهو يواجه المواقف التي تعترضه برأيه ومبادئه، ويحارب الظلم بلسانه وقلمه، وسنده في ذلك أنه يكافح الظلم سعياً لإقرار العدل، ونصرة الحق، كما تعتبر صفة الشجاعة في علم النفس الاجتماعي الحديث من مقومات الشخصية.
وشجاعة المحامي تستلزم منه خُلقاً قوياً، وإيماناً أكيداً وثيقاً بإقامة العدل.
إن شجاعة المحامي تتجلى أمام صاحب الدعوى الذي يأتي ليوّكله، ويواجهه بالحقيقة سافرة إن كان على باطل، وأن يرده إلى جادة الصواب، وإن كان هذا لا يروق للبعض؛ إذ يعتبرونها قطعاً للأرزاق، ولكن الإيمان بالله، ثم الإيمان بالواجب، يقتضي من الوكيل شجاعته الأدبية، وعليه أن يتمسك بهذا النوع من الشجاعة وليؤمن أن الأرزاق بيد الله عزَّ وجل.
وبهذه الشجاعة، على المحامي أن يواجه رجال القضاء بما يتناسب مع طباعهم وأخلاقهم، يواجههم بعلمه، ويساعدهم في الوصول إلى الحق حسب ما يمليه عليه ضميره وأخلاقه.
وكذلك يجب أن يتمتع المحامي بشجاعة أمام خصمه مهما كان صاحب نفوذ، وسطوة، وسلطان، وحيلة، فلا يهابه، وأن يؤديَ واجبه كاملاً دون خوف أو وجلٍ أو قلق.
نبالة المحامي
المقصودُ أن يكون المحامي مؤدب الألفاظ، لا ينعت خصم موكله بالألفاظ النابية، أو يعيره بسِّيئة أو يقدح فيه؛ لأن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخلاقاً رفيعة المستوى نبيلة الخلائق، كما أنها تُلزِم الوكيل بالخصومة بأن يسلك الطريق المشروع المبني على الحقيقة والواقع في الدفاع عن موكله، لا أن يختلق الوقائع ظلماً أو افتراءً للدفاع عن موكله. كما جاء في إحدى القضايا حيث كان أحد المحامين يترافع عن متهم سارق دخل منزلاً في جوف الليل وضُبط متلبساً، فإذا بالمحامي يشير إلى أن هناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المنزل وهذا الشخص ولم يكن لصاً. فمثل هذا الموقف يتعارض مع نبالة المهنة.
التفاعل مع الدعوى
تفاعل المحامي هو معايشته لدعوى موكله من جميع الجوانب، لينعكس ذلك في مرافعاته لإبراز وجه الحق في الدعوى، وهذا التفاعل يختلف عن انفعال الغضب الذي لا مجال له في المهنة، فالمقصود بذلك هو التفاعل الذي يتميز بالسيطرة على الأعصاب، وضبط النفس حتى يؤدي الوكيل مهنته على أتم وجه، وعليه أيضاً ألا ينساق وراء أهواء موكله الكاذبة فيكون انفعاله قد بني على أساس غير صحيح، فالخطر أن ينفعل المحامي نتيجة تصديق موكّله من غير تثبت، فيصبح متعصباً، والتعصب ذميم.
هذه الصفات التي تمثل أخلاق المحامي، ويلزم أن يتصف بها، ويجب أن تتوازن، وأن تتكامل في شخصيته، بحيث تجعلها شخصية سوية متوازنة، لا مجال فيها للتناقض الذاتي الذي يُضعِّف فاعليتها، ويفرغ نتائجها من الإيجابيات المرجوة منها. فيجب ألا تُأخذ الشجاعة عنده معنى التهور، وألا يتحول الصبر والحلم إلى تراخ وتفريط، وألا تصبح الأمانة عنده مجرد شعار يتساوى عنده مع الخيانة.
هناك أخلاقيات يجب أن يتَّسم بها المحامي، أو الوكيل بالخصومة. وتتبلور تلك الأخلاقيات في أن تتطابق تصرفاته مع مقتضى القيم الأخلاقية الصحيحة المتعارف عليها. وأن يكون سلوكه المهني أمام جهات الاختصاص القضائي وغيرها من الجهات التي يتعامل معها بحكم مهنته، سلوكاً يتسم بالمحافظة على الشرف والعفة والنزاهة والإخلاص وغيرها من القيم الأخلاقية النبيلة المستقرة بوجدان الإنسان المسلم. وهناك في الوقت نفسه واجبات يجب أن يلتزم بها المحامي، ليسهم بإيجابية من خلال دوره الهام في تحقيق العدالة ونصرة الحق، فيجب أن يتشكل خُلُق المحامي في الإطار الذي يحدده الالتزام الأخلاقي الإسلامي، ومعاييره الأخلاقية التي تميز بين السلوك الأخلاقي وغير الأخلاقي. من ذلك أن يلتزم بالإيمان بالله، والإخلاص، والصدق في القول والعمل، وإتقان العمل، وغيرها من المعايير الأخلاقية الأخرى، لقوله عزَّ وجل }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (سورة التوبة، الآية 105).
إن اضطلاع المحامي بواجباته المتعددة تجاه موكّله، وزملائه والقضاء، بالصورة الإيجابية المطلوبة يؤكد الجانب الأخلاقي الواجب تحقيقه لشخصيته المهنية، ويقوده لأداء واجباته المهنية بالصورة المثلى التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، وتجعله يحوز على احترام المجتمع. وقال تعالى من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (سورة النحل، الآية 97).
إن ذلك الإلتزام يشكل جانباً مهماً من الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتحلى به المحامي للحفاظ على شرف المهنة وكرامتها، ويكتمل ذلك بتوفير القيم الأخلاقية الحميدة التي يجب أن يتصف بها الوكيل في سلوكياته وتعامله مع الجميع، ومن خلال كافة أدواره لممارسة المهنة، ليتمكن من تحقيق العدالة هدفاً وغاية، والارتقاء بأسلوب التعامل والممارسة إلى رفعة المكانة التي تستحقها مهنة المحاماة أو الوكالة بالخصومة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الإسلام يوجه المسلم إلى أن يعمل ويتعاون لمصلحته ولغيره فليس المسلم مسؤولاً عن ذاته وحدها، بل إنه لابد أن يمد بصره إلى جماعة المسلمين، ليتعاون معهم ويتراحم ويتعاطف، ويرشد الناس إلى الحق والخير والفضائل ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا النهج الأخلاقي لازم للمحامي الأمين على حقوق موكله، حيث يكون خير دافع له للوقوف إلى جانب الحق، ورد موكله عن الظلم واللدد في الخصومة إذا لم يكن صاحب حق.
العدل
إن العدالة وثيقة الصلة بالقضاء، والعدل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، وهذا العدل يجب أن يؤسس لدى المحامي على اقتناع كامل بأن الحلال ما أحله الله تعالى، والحرام ما حرمه في كتابه الكريم وسنة نبيه، والعمل بالحلال واجب، والابتعاد عن الحرام ثم التنزه عما فيه شبهة الحرام.
وتحلي المحامي بهذه الصفة الخلقية الحميدة تدعيم لقدراته على إحقاق الحق وإقامة العدالة ومحاربة الظلم، فلا يُغبن أحد الخصوم، بل يعمل على التعامل مع الخصومة على أساس شرعي ترتاح له النفوس، وتنقطع به الخصومة، فيأتي الصلح بعد ذلك على أساس من النقاء والصفاء، لما في ذلك من خير وتقوى.
الأمانة
وهي ركيزة هامة لأخلاق المحامي. والأمانة هي تاج الفضائل. وليس أدل على أهميتها من بيان وخطورة حملها في قوله عزَّ وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (سورة الأحزاب، الآية 72). وقد أمر الله سبحانه وتعالى العباد بتأدية الأمانة والحفاظ عليها، إذ قال سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمًا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً (سورة النساء: الآية 58).
وتقتضي الأمانة أن يراقب المحامي ربَّه، فلا يشتط على الناس فيما يقرره من أتعاب مقابل عمله، وأن يصدق موكّله القول، وينصحه ليهديه إلى جانب الصواب، وأن يكون كاتماً لسره، وأن يُسَهَّل له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه، وألا يزعجه أو يثير الرعب في نفسه، كذلك ألا يطمئنه بإسراف، وأن يعامله في أدب بغير تذلل.
كذلك تتطلب أمانة المحامي أن يُؤْمن بقدسية القضاء، بغض النظر عن شخص القاضي، وأن يكون صادقاً، معاوِناً للعدل بإخلاص، وألا يحاول تعطيل الفصل في الدعوى متعذراً بالأعذار المختلفة، وأن يصون لسانه، فلا يطلقه في سمعة القاضي الذي خذَله، وخاصَّة أمام الموكّل.
وتتطلب الأمانة أخيراً أن يكون المحامي أميناً لخصم موكله بألا يفتري عليه، وينعته بالألفاظ النابية، أو يذكر عيباً أو نقائص شخصية بعيدة عن موضوع الدعوى.
الصدق
الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه في الواقع، وعكسه الكذب الذي هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه. وفي كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من الآيات البينات في الثناء على هذه الفضيلة، وكونها ثمرة الإخلاص والتقوى.
وغني عن الذكر، ضرورة أن يتحلى المحامي بهذه الصفة، فهو أمين على حقوق موكله، فيجب أن يصدقه القول في كل شأن، وأن يقدم له رأياً صادقاً صريحاً في موضوع الدعوى وفي نتيجتها المحتمة، وألا يلجأ للكذب بتضخيم دوره وخدماته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الجهد الذي يبذله.
الصبر
أكد الإسلام على الصبر ليجعل الإنسان المسلم ناجحاً وذا فائدة وشخصية قوية، ويصبح إنساناً ذا عزم وهِمَة ونشاط وثبات، وإذا كان الصبر قوام الحياة كلها، فإنه ألزم ما يكون من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي، ذلك أن الصبر ضبط لهوى النفس، وفيه تحقيق لصفة الإنسانية، وتقويه لأواصر المجتمع. فيجب على الوكيل بالخصومة أن يتحلى بالصبر ليصل إلى حق موكله المشروع إقامة للعدل.
تجنب النفاق
إن المحامي صاحب رسالة، فيجب ألا يكون منافقاً أو متملقاً؛ إذ إنه يعبر عن خلق قويم، ويمثل رأياً منصفاً، وينصر حقاً على باطل. والنفاق صفة مذمومة نهى عنها الإسلام، قال نبي الله سيدنا المصطفى محمد
الثقة بالنفس
ثقة المرء بنفسه من أهم مقومات الشخصية، وهي تضفي على الشخص مظهراً يُوحي للناس باحترامه، وتقديره، ويدفعهم إلى التعامل معه والوثوق به، وتحيطه بهالة من التبجيل، بحيث يُصْغَى إليه عند الحديث، ويُخْشَى عند الغضب. والمحامي هو أحوج الناس بالثقة بالنفس، ليتمكن من أداء عمله بوضوح، وليس للإنسان منهج حياة أفضل من إتباع أوامر الله عزَّ وجل ليكون عمله وتصرفه بنور الله.
الشجاعة
إن الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المحامي هي شجاعة الرأي، وهي أسمى أنواع الشجاعة، فهو يواجه المواقف التي تعترضه برأيه ومبادئه، ويحارب الظلم بلسانه وقلمه، وسنده في ذلك أنه يكافح الظلم سعياً لإقرار العدل، ونصرة الحق، كما تعتبر صفة الشجاعة في علم النفس الاجتماعي الحديث من مقومات الشخصية.
وشجاعة المحامي تستلزم منه خُلقاً قوياً، وإيماناً أكيداً وثيقاً بإقامة العدل.
إن شجاعة المحامي تتجلى أمام صاحب الدعوى الذي يأتي ليوّكله، ويواجهه بالحقيقة سافرة إن كان على باطل، وأن يرده إلى جادة الصواب، وإن كان هذا لا يروق للبعض؛ إذ يعتبرونها قطعاً للأرزاق، ولكن الإيمان بالله، ثم الإيمان بالواجب، يقتضي من الوكيل شجاعته الأدبية، وعليه أن يتمسك بهذا النوع من الشجاعة وليؤمن أن الأرزاق بيد الله عزَّ وجل.
وبهذه الشجاعة، على المحامي أن يواجه رجال القضاء بما يتناسب مع طباعهم وأخلاقهم، يواجههم بعلمه، ويساعدهم في الوصول إلى الحق حسب ما يمليه عليه ضميره وأخلاقه.
وكذلك يجب أن يتمتع المحامي بشجاعة أمام خصمه مهما كان صاحب نفوذ، وسطوة، وسلطان، وحيلة، فلا يهابه، وأن يؤديَ واجبه كاملاً دون خوف أو وجلٍ أو قلق.
نبالة المحامي
المقصودُ أن يكون المحامي مؤدب الألفاظ، لا ينعت خصم موكله بالألفاظ النابية، أو يعيره بسِّيئة أو يقدح فيه؛ لأن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخلاقاً رفيعة المستوى نبيلة الخلائق، كما أنها تُلزِم الوكيل بالخصومة بأن يسلك الطريق المشروع المبني على الحقيقة والواقع في الدفاع عن موكله، لا أن يختلق الوقائع ظلماً أو افتراءً للدفاع عن موكله. كما جاء في إحدى القضايا حيث كان أحد المحامين يترافع عن متهم سارق دخل منزلاً في جوف الليل وضُبط متلبساً، فإذا بالمحامي يشير إلى أن هناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المنزل وهذا الشخص ولم يكن لصاً. فمثل هذا الموقف يتعارض مع نبالة المهنة.
التفاعل مع الدعوى
تفاعل المحامي هو معايشته لدعوى موكله من جميع الجوانب، لينعكس ذلك في مرافعاته لإبراز وجه الحق في الدعوى، وهذا التفاعل يختلف عن انفعال الغضب الذي لا مجال له في المهنة، فالمقصود بذلك هو التفاعل الذي يتميز بالسيطرة على الأعصاب، وضبط النفس حتى يؤدي الوكيل مهنته على أتم وجه، وعليه أيضاً ألا ينساق وراء أهواء موكله الكاذبة فيكون انفعاله قد بني على أساس غير صحيح، فالخطر أن ينفعل المحامي نتيجة تصديق موكّله من غير تثبت، فيصبح متعصباً، والتعصب ذميم.
هذه الصفات التي تمثل أخلاق المحامي، ويلزم أن يتصف بها، ويجب أن تتوازن، وأن تتكامل في شخصيته، بحيث تجعلها شخصية سوية متوازنة، لا مجال فيها للتناقض الذاتي الذي يُضعِّف فاعليتها، ويفرغ نتائجها من الإيجابيات المرجوة منها. فيجب ألا تُأخذ الشجاعة عنده معنى التهور، وألا يتحول الصبر والحلم إلى تراخ وتفريط، وألا تصبح الأمانة عنده مجرد شعار يتساوى عنده مع الخيانة.
هناك أخلاقيات يجب أن يتَّسم بها المحامي، أو الوكيل بالخصومة. وتتبلور تلك الأخلاقيات في أن تتطابق تصرفاته مع مقتضى القيم الأخلاقية الصحيحة المتعارف عليها. وأن يكون سلوكه المهني أمام جهات الاختصاص القضائي وغيرها من الجهات التي يتعامل معها بحكم مهنته، سلوكاً يتسم بالمحافظة على الشرف والعفة والنزاهة والإخلاص وغيرها من القيم الأخلاقية النبيلة المستقرة بوجدان الإنسان المسلم. وهناك في الوقت نفسه واجبات يجب أن يلتزم بها المحامي، ليسهم بإيجابية من خلال دوره الهام في تحقيق العدالة ونصرة الحق، فيجب أن يتشكل خُلُق المحامي في الإطار الذي يحدده الالتزام الأخلاقي الإسلامي، ومعاييره الأخلاقية التي تميز بين السلوك الأخلاقي وغير الأخلاقي. من ذلك أن يلتزم بالإيمان بالله، والإخلاص، والصدق في القول والعمل، وإتقان العمل، وغيرها من المعايير الأخلاقية الأخرى، لقوله عزَّ وجل }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (سورة التوبة، الآية 105).
إن اضطلاع المحامي بواجباته المتعددة تجاه موكّله، وزملائه والقضاء، بالصورة الإيجابية المطلوبة يؤكد الجانب الأخلاقي الواجب تحقيقه لشخصيته المهنية، ويقوده لأداء واجباته المهنية بالصورة المثلى التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، وتجعله يحوز على احترام المجتمع. وقال تعالى من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (سورة النحل، الآية 97).
إن ذلك الإلتزام يشكل جانباً مهماً من الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتحلى به المحامي للحفاظ على شرف المهنة وكرامتها، ويكتمل ذلك بتوفير القيم الأخلاقية الحميدة التي يجب أن يتصف بها الوكيل في سلوكياته وتعامله مع الجميع، ومن خلال كافة أدواره لممارسة المهنة، ليتمكن من تحقيق العدالة هدفاً وغاية، والارتقاء بأسلوب التعامل والممارسة إلى رفعة المكانة التي تستحقها مهنة المحاماة أو الوكالة بالخصومة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الإسلام يوجه المسلم إلى أن يعمل ويتعاون لمصلحته ولغيره فليس المسلم مسؤولاً عن ذاته وحدها، بل إنه لابد أن يمد بصره إلى جماعة المسلمين، ليتعاون معهم ويتراحم ويتعاطف، ويرشد الناس إلى الحق والخير والفضائل ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا النهج الأخلاقي لازم للمحامي الأمين على حقوق موكله، حيث يكون خير دافع له للوقوف إلى جانب الحق، ورد موكله عن الظلم واللدد في الخصومة إذا لم يكن صاحب حق.
العدل
إن العدالة وثيقة الصلة بالقضاء، والعدل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، وهذا العدل يجب أن يؤسس لدى المحامي على اقتناع كامل بأن الحلال ما أحله الله تعالى، والحرام ما حرمه في كتابه الكريم وسنة نبيه، والعمل بالحلال واجب، والابتعاد عن الحرام ثم التنزه عما فيه شبهة الحرام.
وتحلي المحامي بهذه الصفة الخلقية الحميدة تدعيم لقدراته على إحقاق الحق وإقامة العدالة ومحاربة الظلم، فلا يُغبن أحد الخصوم، بل يعمل على التعامل مع الخصومة على أساس شرعي ترتاح له النفوس، وتنقطع به الخصومة، فيأتي الصلح بعد ذلك على أساس من النقاء والصفاء، لما في ذلك من خير وتقوى.
الأمانة
وهي ركيزة هامة لأخلاق المحامي. والأمانة هي تاج الفضائل. وليس أدل على أهميتها من بيان وخطورة حملها في قوله عزَّ وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (سورة الأحزاب، الآية 72). وقد أمر الله سبحانه وتعالى العباد بتأدية الأمانة والحفاظ عليها، إذ قال سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمًا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً (سورة النساء: الآية 58).
وتقتضي الأمانة أن يراقب المحامي ربَّه، فلا يشتط على الناس فيما يقرره من أتعاب مقابل عمله، وأن يصدق موكّله القول، وينصحه ليهديه إلى جانب الصواب، وأن يكون كاتماً لسره، وأن يُسَهَّل له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه، وألا يزعجه أو يثير الرعب في نفسه، كذلك ألا يطمئنه بإسراف، وأن يعامله في أدب بغير تذلل.
كذلك تتطلب أمانة المحامي أن يُؤْمن بقدسية القضاء، بغض النظر عن شخص القاضي، وأن يكون صادقاً، معاوِناً للعدل بإخلاص، وألا يحاول تعطيل الفصل في الدعوى متعذراً بالأعذار المختلفة، وأن يصون لسانه، فلا يطلقه في سمعة القاضي الذي خذَله، وخاصَّة أمام الموكّل.
وتتطلب الأمانة أخيراً أن يكون المحامي أميناً لخصم موكله بألا يفتري عليه، وينعته بالألفاظ النابية، أو يذكر عيباً أو نقائص شخصية بعيدة عن موضوع الدعوى.
الصدق
الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه في الواقع، وعكسه الكذب الذي هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه. وفي كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من الآيات البينات في الثناء على هذه الفضيلة، وكونها ثمرة الإخلاص والتقوى.
وغني عن الذكر، ضرورة أن يتحلى المحامي بهذه الصفة، فهو أمين على حقوق موكله، فيجب أن يصدقه القول في كل شأن، وأن يقدم له رأياً صادقاً صريحاً في موضوع الدعوى وفي نتيجتها المحتمة، وألا يلجأ للكذب بتضخيم دوره وخدماته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الجهد الذي يبذله.
الصبر
أكد الإسلام على الصبر ليجعل الإنسان المسلم ناجحاً وذا فائدة وشخصية قوية، ويصبح إنساناً ذا عزم وهِمَة ونشاط وثبات، وإذا كان الصبر قوام الحياة كلها، فإنه ألزم ما يكون من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي، ذلك أن الصبر ضبط لهوى النفس، وفيه تحقيق لصفة الإنسانية، وتقويه لأواصر المجتمع. فيجب على الوكيل بالخصومة أن يتحلى بالصبر ليصل إلى حق موكله المشروع إقامة للعدل.
تجنب النفاق
إن المحامي صاحب رسالة، فيجب ألا يكون منافقاً أو متملقاً؛ إذ إنه يعبر عن خلق قويم، ويمثل رأياً منصفاً، وينصر حقاً على باطل. والنفاق صفة مذمومة نهى عنها الإسلام، قال نبي الله سيدنا المصطفى محمد
الثقة بالنفس
ثقة المرء بنفسه من أهم مقومات الشخصية، وهي تضفي على الشخص مظهراً يُوحي للناس باحترامه، وتقديره، ويدفعهم إلى التعامل معه والوثوق به، وتحيطه بهالة من التبجيل، بحيث يُصْغَى إليه عند الحديث، ويُخْشَى عند الغضب. والمحامي هو أحوج الناس بالثقة بالنفس، ليتمكن من أداء عمله بوضوح، وليس للإنسان منهج حياة أفضل من إتباع أوامر الله عزَّ وجل ليكون عمله وتصرفه بنور الله.
الشجاعة
إن الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المحامي هي شجاعة الرأي، وهي أسمى أنواع الشجاعة، فهو يواجه المواقف التي تعترضه برأيه ومبادئه، ويحارب الظلم بلسانه وقلمه، وسنده في ذلك أنه يكافح الظلم سعياً لإقرار العدل، ونصرة الحق، كما تعتبر صفة الشجاعة في علم النفس الاجتماعي الحديث من مقومات الشخصية.
وشجاعة المحامي تستلزم منه خُلقاً قوياً، وإيماناً أكيداً وثيقاً بإقامة العدل.
إن شجاعة المحامي تتجلى أمام صاحب الدعوى الذي يأتي ليوّكله، ويواجهه بالحقيقة سافرة إن كان على باطل، وأن يرده إلى جادة الصواب، وإن كان هذا لا يروق للبعض؛ إذ يعتبرونها قطعاً للأرزاق، ولكن الإيمان بالله، ثم الإيمان بالواجب، يقتضي من الوكيل شجاعته الأدبية، وعليه أن يتمسك بهذا النوع من الشجاعة وليؤمن أن الأرزاق بيد الله عزَّ وجل.
وبهذه الشجاعة، على المحامي أن يواجه رجال القضاء بما يتناسب مع طباعهم وأخلاقهم، يواجههم بعلمه، ويساعدهم في الوصول إلى الحق حسب ما يمليه عليه ضميره وأخلاقه.
وكذلك يجب أن يتمتع المحامي بشجاعة أمام خصمه مهما كان صاحب نفوذ، وسطوة، وسلطان، وحيلة، فلا يهابه، وأن يؤديَ واجبه كاملاً دون خوف أو وجلٍ أو قلق.
نبالة المحامي
المقصودُ أن يكون المحامي مؤدب الألفاظ، لا ينعت خصم موكله بالألفاظ النابية، أو يعيره بسِّيئة أو يقدح فيه؛ لأن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخلاقاً رفيعة المستوى نبيلة الخلائق، كما أنها تُلزِم الوكيل بالخصومة بأن يسلك الطريق المشروع المبني على الحقيقة والواقع في الدفاع عن موكله، لا أن يختلق الوقائع ظلماً أو افتراءً للدفاع عن موكله. كما جاء في إحدى القضايا حيث كان أحد المحامين يترافع عن متهم سارق دخل منزلاً في جوف الليل وضُبط متلبساً، فإذا بالمحامي يشير إلى أن هناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المنزل وهذا الشخص ولم يكن لصاً. فمثل هذا الموقف يتعارض مع نبالة المهنة.
التفاعل مع الدعوى
تفاعل المحامي هو معايشته لدعوى موكله من جميع الجوانب، لينعكس ذلك في مرافعاته لإبراز وجه الحق في الدعوى، وهذا التفاعل يختلف عن انفعال الغضب الذي لا مجال له في المهنة، فالمقصود بذلك هو التفاعل الذي يتميز بالسيطرة على الأعصاب، وضبط النفس حتى يؤدي الوكيل مهنته على أتم وجه، وعليه أيضاً ألا ينساق وراء أهواء موكله الكاذبة فيكون انفعاله قد بني على أساس غير صحيح، فالخطر أن ينفعل المحامي نتيجة تصديق موكّله من غير تثبت، فيصبح متعصباً، والتعصب ذميم.
هذه الصفات التي تمثل أخلاق المحامي، ويلزم أن يتصف بها، ويجب أن تتوازن، وأن تتكامل في شخصيته، بحيث تجعلها شخصية سوية متوازنة، لا مجال فيها للتناقض الذاتي الذي يُضعِّف فاعليتها، ويفرغ نتائجها من الإيجابيات المرجوة منها. فيجب ألا تُأخذ الشجاعة عنده معنى التهور، وألا يتحول الصبر والحلم إلى تراخ وتفريط، وألا تصبح الأمانة عنده مجرد شعار يتساوى عنده مع الخيانة.
د.ناصر عبدالله ناصر المعيليل.م.ج.ق.ح
إن اضطلاع المحامي بواجباته المتعددة تجاه موكّله، وزملائه والقضاء، بالصورة الإيجابية المطلوبة يؤكد الجانب الأخلاقي الواجب تحقيقه لشخصيته المهنية، ويقوده لأداء واجباته المهنية بالصورة المثلى التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، وتجعله يحوز على احترام المجتمع. وقال تعالى من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (سورة النحل، الآية 97).
إن ذلك الإلتزام يشكل جانباً مهماً من الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتحلى به المحامي للحفاظ على شرف المهنة وكرامتها، ويكتمل ذلك بتوفير القيم الأخلاقية الحميدة التي يجب أن يتصف بها الوكيل في سلوكياته وتعامله مع الجميع، ومن خلال كافة أدواره لممارسة المهنة، ليتمكن من تحقيق العدالة هدفاً وغاية، والارتقاء بأسلوب التعامل والممارسة إلى رفعة المكانة التي تستحقها مهنة المحاماة أو الوكالة بالخصومة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الإسلام يوجه المسلم إلى أن يعمل ويتعاون لمصلحته ولغيره فليس المسلم مسؤولاً عن ذاته وحدها، بل إنه لابد أن يمد بصره إلى جماعة المسلمين، ليتعاون معهم ويتراحم ويتعاطف، ويرشد الناس إلى الحق والخير والفضائل ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا النهج الأخلاقي لازم للمحامي الأمين على حقوق موكله، حيث يكون خير دافع له للوقوف إلى جانب الحق، ورد موكله عن الظلم واللدد في الخصومة إذا لم يكن صاحب حق.
العدل
إن العدالة وثيقة الصلة بالقضاء، والعدل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، وهذا العدل يجب أن يؤسس لدى المحامي على اقتناع كامل بأن الحلال ما أحله الله تعالى، والحرام ما حرمه في كتابه الكريم وسنة نبيه، والعمل بالحلال واجب، والابتعاد عن الحرام ثم التنزه عما فيه شبهة الحرام.
وتحلي المحامي بهذه الصفة الخلقية الحميدة تدعيم لقدراته على إحقاق الحق وإقامة العدالة ومحاربة الظلم، فلا يُغبن أحد الخصوم، بل يعمل على التعامل مع الخصومة على أساس شرعي ترتاح له النفوس، وتنقطع به الخصومة، فيأتي الصلح بعد ذلك على أساس من النقاء والصفاء، لما في ذلك من خير وتقوى.
الأمانة
وهي ركيزة هامة لأخلاق المحامي. والأمانة هي تاج الفضائل. وليس أدل على أهميتها من بيان وخطورة حملها في قوله عزَّ وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (سورة الأحزاب، الآية 72). وقد أمر الله سبحانه وتعالى العباد بتأدية الأمانة والحفاظ عليها، إذ قال سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمًا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً (سورة النساء: الآية 58).
وتقتضي الأمانة أن يراقب المحامي ربَّه، فلا يشتط على الناس فيما يقرره من أتعاب مقابل عمله، وأن يصدق موكّله القول، وينصحه ليهديه إلى جانب الصواب، وأن يكون كاتماً لسره، وأن يُسَهَّل له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه، وألا يزعجه أو يثير الرعب في نفسه، كذلك ألا يطمئنه بإسراف، وأن يعامله في أدب بغير تذلل.
كذلك تتطلب أمانة المحامي أن يُؤْمن بقدسية القضاء، بغض النظر عن شخص القاضي، وأن يكون صادقاً، معاوِناً للعدل بإخلاص، وألا يحاول تعطيل الفصل في الدعوى متعذراً بالأعذار المختلفة، وأن يصون لسانه، فلا يطلقه في سمعة القاضي الذي خذَله، وخاصَّة أمام الموكّل.
وتتطلب الأمانة أخيراً أن يكون المحامي أميناً لخصم موكله بألا يفتري عليه، وينعته بالألفاظ النابية، أو يذكر عيباً أو نقائص شخصية بعيدة عن موضوع الدعوى.
الصدق
الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه في الواقع، وعكسه الكذب الذي هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه. وفي كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من الآيات البينات في الثناء على هذه الفضيلة، وكونها ثمرة الإخلاص والتقوى.
وغني عن الذكر، ضرورة أن يتحلى المحامي بهذه الصفة، فهو أمين على حقوق موكله، فيجب أن يصدقه القول في كل شأن، وأن يقدم له رأياً صادقاً صريحاً في موضوع الدعوى وفي نتيجتها المحتمة، وألا يلجأ للكذب بتضخيم دوره وخدماته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الجهد الذي يبذله.
الصبر
أكد الإسلام على الصبر ليجعل الإنسان المسلم ناجحاً وذا فائدة وشخصية قوية، ويصبح إنساناً ذا عزم وهِمَة ونشاط وثبات، وإذا كان الصبر قوام الحياة كلها، فإنه ألزم ما يكون من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي، ذلك أن الصبر ضبط لهوى النفس، وفيه تحقيق لصفة الإنسانية، وتقويه لأواصر المجتمع. فيجب على الوكيل بالخصومة أن يتحلى بالصبر ليصل إلى حق موكله المشروع إقامة للعدل.
تجنب النفاق
إن المحامي صاحب رسالة، فيجب ألا يكون منافقاً أو متملقاً؛ إذ إنه يعبر عن خلق قويم، ويمثل رأياً منصفاً، وينصر حقاً على باطل. والنفاق صفة مذمومة نهى عنها الإسلام، قال نبي الله سيدنا المصطفى محمد
الثقة بالنفس
ثقة المرء بنفسه من أهم مقومات الشخصية، وهي تضفي على الشخص مظهراً يُوحي للناس باحترامه، وتقديره، ويدفعهم إلى التعامل معه والوثوق به، وتحيطه بهالة من التبجيل، بحيث يُصْغَى إليه عند الحديث، ويُخْشَى عند الغضب. والمحامي هو أحوج الناس بالثقة بالنفس، ليتمكن من أداء عمله بوضوح، وليس للإنسان منهج حياة أفضل من إتباع أوامر الله عزَّ وجل ليكون عمله وتصرفه بنور الله.
الشجاعة
إن الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المحامي هي شجاعة الرأي، وهي أسمى أنواع الشجاعة، فهو يواجه المواقف التي تعترضه برأيه ومبادئه، ويحارب الظلم بلسانه وقلمه، وسنده في ذلك أنه يكافح الظلم سعياً لإقرار العدل، ونصرة الحق، كما تعتبر صفة الشجاعة في علم النفس الاجتماعي الحديث من مقومات الشخصية.
وشجاعة المحامي تستلزم منه خُلقاً قوياً، وإيماناً أكيداً وثيقاً بإقامة العدل.
إن شجاعة المحامي تتجلى أمام صاحب الدعوى الذي يأتي ليوّكله، ويواجهه بالحقيقة سافرة إن كان على باطل، وأن يرده إلى جادة الصواب، وإن كان هذا لا يروق للبعض؛ إذ يعتبرونها قطعاً للأرزاق، ولكن الإيمان بالله، ثم الإيمان بالواجب، يقتضي من الوكيل شجاعته الأدبية، وعليه أن يتمسك بهذا النوع من الشجاعة وليؤمن أن الأرزاق بيد الله عزَّ وجل.
وبهذه الشجاعة، على المحامي أن يواجه رجال القضاء بما يتناسب مع طباعهم وأخلاقهم، يواجههم بعلمه، ويساعدهم في الوصول إلى الحق حسب ما يمليه عليه ضميره وأخلاقه.
وكذلك يجب أن يتمتع المحامي بشجاعة أمام خصمه مهما كان صاحب نفوذ، وسطوة، وسلطان، وحيلة، فلا يهابه، وأن يؤديَ واجبه كاملاً دون خوف أو وجلٍ أو قلق.
نبالة المحامي
المقصودُ أن يكون المحامي مؤدب الألفاظ، لا ينعت خصم موكله بالألفاظ النابية، أو يعيره بسِّيئة أو يقدح فيه؛ لأن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخلاقاً رفيعة المستوى نبيلة الخلائق، كما أنها تُلزِم الوكيل بالخصومة بأن يسلك الطريق المشروع المبني على الحقيقة والواقع في الدفاع عن موكله، لا أن يختلق الوقائع ظلماً أو افتراءً للدفاع عن موكله. كما جاء في إحدى القضايا حيث كان أحد المحامين يترافع عن متهم سارق دخل منزلاً في جوف الليل وضُبط متلبساً، فإذا بالمحامي يشير إلى أن هناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المنزل وهذا الشخص ولم يكن لصاً. فمثل هذا الموقف يتعارض مع نبالة المهنة.
التفاعل مع الدعوى
تفاعل المحامي هو معايشته لدعوى موكله من جميع الجوانب، لينعكس ذلك في مرافعاته لإبراز وجه الحق في الدعوى، وهذا التفاعل يختلف عن انفعال الغضب الذي لا مجال له في المهنة، فالمقصود بذلك هو التفاعل الذي يتميز بالسيطرة على الأعصاب، وضبط النفس حتى يؤدي الوكيل مهنته على أتم وجه، وعليه أيضاً ألا ينساق وراء أهواء موكله الكاذبة فيكون انفعاله قد بني على أساس غير صحيح، فالخطر أن ينفعل المحامي نتيجة تصديق موكّله من غير تثبت، فيصبح متعصباً، والتعصب ذميم.
هذه الصفات التي تمثل أخلاق المحامي، ويلزم أن يتصف بها، ويجب أن تتوازن، وأن تتكامل في شخصيته، بحيث تجعلها شخصية سوية متوازنة، لا مجال فيها للتناقض الذاتي الذي يُضعِّف فاعليتها، ويفرغ نتائجها من الإيجابيات المرجوة منها. فيجب ألا تُأخذ الشجاعة عنده معنى التهور، وألا يتحول الصبر والحلم إلى تراخ وتفريط، وألا تصبح الأمانة عنده مجرد شعار يتساوى عنده مع الخيانة.
هناك أخلاقيات يجب أن يتَّسم بها المحامي، أو الوكيل بالخصومة. وتتبلور تلك الأخلاقيات في أن تتطابق تصرفاته مع مقتضى القيم الأخلاقية الصحيحة المتعارف عليها. وأن يكون سلوكه المهني أمام جهات الاختصاص القضائي وغيرها من الجهات التي يتعامل معها بحكم مهنته، سلوكاً يتسم بالمحافظة على الشرف والعفة والنزاهة والإخلاص وغيرها من القيم الأخلاقية النبيلة المستقرة بوجدان الإنسان المسلم. وهناك في الوقت نفسه واجبات يجب أن يلتزم بها المحامي، ليسهم بإيجابية من خلال دوره الهام في تحقيق العدالة ونصرة الحق، فيجب أن يتشكل خُلُق المحامي في الإطار الذي يحدده الالتزام الأخلاقي الإسلامي، ومعاييره الأخلاقية التي تميز بين السلوك الأخلاقي وغير الأخلاقي. من ذلك أن يلتزم بالإيمان بالله، والإخلاص، والصدق في القول والعمل، وإتقان العمل، وغيرها من المعايير الأخلاقية الأخرى، لقوله عزَّ وجل }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (سورة التوبة، الآية 105).
إن اضطلاع المحامي بواجباته المتعددة تجاه موكّله، وزملائه والقضاء، بالصورة الإيجابية المطلوبة يؤكد الجانب الأخلاقي الواجب تحقيقه لشخصيته المهنية، ويقوده لأداء واجباته المهنية بالصورة المثلى التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، وتجعله يحوز على احترام المجتمع. وقال تعالى من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (سورة النحل، الآية 97).
إن ذلك الإلتزام يشكل جانباً مهماً من الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتحلى به المحامي للحفاظ على شرف المهنة وكرامتها، ويكتمل ذلك بتوفير القيم الأخلاقية الحميدة التي يجب أن يتصف بها الوكيل في سلوكياته وتعامله مع الجميع، ومن خلال كافة أدواره لممارسة المهنة، ليتمكن من تحقيق العدالة هدفاً وغاية، والارتقاء بأسلوب التعامل والممارسة إلى رفعة المكانة التي تستحقها مهنة المحاماة أو الوكالة بالخصومة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الإسلام يوجه المسلم إلى أن يعمل ويتعاون لمصلحته ولغيره فليس المسلم مسؤولاً عن ذاته وحدها، بل إنه لابد أن يمد بصره إلى جماعة المسلمين، ليتعاون معهم ويتراحم ويتعاطف، ويرشد الناس إلى الحق والخير والفضائل ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا النهج الأخلاقي لازم للمحامي الأمين على حقوق موكله، حيث يكون خير دافع له للوقوف إلى جانب الحق، ورد موكله عن الظلم واللدد في الخصومة إذا لم يكن صاحب حق.
العدل
إن العدالة وثيقة الصلة بالقضاء، والعدل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، وهذا العدل يجب أن يؤسس لدى المحامي على اقتناع كامل بأن الحلال ما أحله الله تعالى، والحرام ما حرمه في كتابه الكريم وسنة نبيه، والعمل بالحلال واجب، والابتعاد عن الحرام ثم التنزه عما فيه شبهة الحرام.
وتحلي المحامي بهذه الصفة الخلقية الحميدة تدعيم لقدراته على إحقاق الحق وإقامة العدالة ومحاربة الظلم، فلا يُغبن أحد الخصوم، بل يعمل على التعامل مع الخصومة على أساس شرعي ترتاح له النفوس، وتنقطع به الخصومة، فيأتي الصلح بعد ذلك على أساس من النقاء والصفاء، لما في ذلك من خير وتقوى.
الأمانة
وهي ركيزة هامة لأخلاق المحامي. والأمانة هي تاج الفضائل. وليس أدل على أهميتها من بيان وخطورة حملها في قوله عزَّ وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (سورة الأحزاب، الآية 72). وقد أمر الله سبحانه وتعالى العباد بتأدية الأمانة والحفاظ عليها، إذ قال سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمًا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً (سورة النساء: الآية 58).
وتقتضي الأمانة أن يراقب المحامي ربَّه، فلا يشتط على الناس فيما يقرره من أتعاب مقابل عمله، وأن يصدق موكّله القول، وينصحه ليهديه إلى جانب الصواب، وأن يكون كاتماً لسره، وأن يُسَهَّل له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه، وألا يزعجه أو يثير الرعب في نفسه، كذلك ألا يطمئنه بإسراف، وأن يعامله في أدب بغير تذلل.
كذلك تتطلب أمانة المحامي أن يُؤْمن بقدسية القضاء، بغض النظر عن شخص القاضي، وأن يكون صادقاً، معاوِناً للعدل بإخلاص، وألا يحاول تعطيل الفصل في الدعوى متعذراً بالأعذار المختلفة، وأن يصون لسانه، فلا يطلقه في سمعة القاضي الذي خذَله، وخاصَّة أمام الموكّل.
وتتطلب الأمانة أخيراً أن يكون المحامي أميناً لخصم موكله بألا يفتري عليه، وينعته بالألفاظ النابية، أو يذكر عيباً أو نقائص شخصية بعيدة عن موضوع الدعوى.
الصدق
الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه في الواقع، وعكسه الكذب الذي هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه. وفي كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من الآيات البينات في الثناء على هذه الفضيلة، وكونها ثمرة الإخلاص والتقوى.
وغني عن الذكر، ضرورة أن يتحلى المحامي بهذه الصفة، فهو أمين على حقوق موكله، فيجب أن يصدقه القول في كل شأن، وأن يقدم له رأياً صادقاً صريحاً في موضوع الدعوى وفي نتيجتها المحتمة، وألا يلجأ للكذب بتضخيم دوره وخدماته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الجهد الذي يبذله.
الصبر
أكد الإسلام على الصبر ليجعل الإنسان المسلم ناجحاً وذا فائدة وشخصية قوية، ويصبح إنساناً ذا عزم وهِمَة ونشاط وثبات، وإذا كان الصبر قوام الحياة كلها، فإنه ألزم ما يكون من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي، ذلك أن الصبر ضبط لهوى النفس، وفيه تحقيق لصفة الإنسانية، وتقويه لأواصر المجتمع. فيجب على الوكيل بالخصومة أن يتحلى بالصبر ليصل إلى حق موكله المشروع إقامة للعدل.
تجنب النفاق
إن المحامي صاحب رسالة، فيجب ألا يكون منافقاً أو متملقاً؛ إذ إنه يعبر عن خلق قويم، ويمثل رأياً منصفاً، وينصر حقاً على باطل. والنفاق صفة مذمومة نهى عنها الإسلام، قال نبي الله سيدنا المصطفى محمد
الثقة بالنفس
ثقة المرء بنفسه من أهم مقومات الشخصية، وهي تضفي على الشخص مظهراً يُوحي للناس باحترامه، وتقديره، ويدفعهم إلى التعامل معه والوثوق به، وتحيطه بهالة من التبجيل، بحيث يُصْغَى إليه عند الحديث، ويُخْشَى عند الغضب. والمحامي هو أحوج الناس بالثقة بالنفس، ليتمكن من أداء عمله بوضوح، وليس للإنسان منهج حياة أفضل من إتباع أوامر الله عزَّ وجل ليكون عمله وتصرفه بنور الله.
الشجاعة
إن الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المحامي هي شجاعة الرأي، وهي أسمى أنواع الشجاعة، فهو يواجه المواقف التي تعترضه برأيه ومبادئه، ويحارب الظلم بلسانه وقلمه، وسنده في ذلك أنه يكافح الظلم سعياً لإقرار العدل، ونصرة الحق، كما تعتبر صفة الشجاعة في علم النفس الاجتماعي الحديث من مقومات الشخصية.
وشجاعة المحامي تستلزم منه خُلقاً قوياً، وإيماناً أكيداً وثيقاً بإقامة العدل.
إن شجاعة المحامي تتجلى أمام صاحب الدعوى الذي يأتي ليوّكله، ويواجهه بالحقيقة سافرة إن كان على باطل، وأن يرده إلى جادة الصواب، وإن كان هذا لا يروق للبعض؛ إذ يعتبرونها قطعاً للأرزاق، ولكن الإيمان بالله، ثم الإيمان بالواجب، يقتضي من الوكيل شجاعته الأدبية، وعليه أن يتمسك بهذا النوع من الشجاعة وليؤمن أن الأرزاق بيد الله عزَّ وجل.
وبهذه الشجاعة، على المحامي أن يواجه رجال القضاء بما يتناسب مع طباعهم وأخلاقهم، يواجههم بعلمه، ويساعدهم في الوصول إلى الحق حسب ما يمليه عليه ضميره وأخلاقه.
وكذلك يجب أن يتمتع المحامي بشجاعة أمام خصمه مهما كان صاحب نفوذ، وسطوة، وسلطان، وحيلة، فلا يهابه، وأن يؤديَ واجبه كاملاً دون خوف أو وجلٍ أو قلق.
نبالة المحامي
المقصودُ أن يكون المحامي مؤدب الألفاظ، لا ينعت خصم موكله بالألفاظ النابية، أو يعيره بسِّيئة أو يقدح فيه؛ لأن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخلاقاً رفيعة المستوى نبيلة الخلائق، كما أنها تُلزِم الوكيل بالخصومة بأن يسلك الطريق المشروع المبني على الحقيقة والواقع في الدفاع عن موكله، لا أن يختلق الوقائع ظلماً أو افتراءً للدفاع عن موكله. كما جاء في إحدى القضايا حيث كان أحد المحامين يترافع عن متهم سارق دخل منزلاً في جوف الليل وضُبط متلبساً، فإذا بالمحامي يشير إلى أن هناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المنزل وهذا الشخص ولم يكن لصاً. فمثل هذا الموقف يتعارض مع نبالة المهنة.
التفاعل مع الدعوى
تفاعل المحامي هو معايشته لدعوى موكله من جميع الجوانب، لينعكس ذلك في مرافعاته لإبراز وجه الحق في الدعوى، وهذا التفاعل يختلف عن انفعال الغضب الذي لا مجال له في المهنة، فالمقصود بذلك هو التفاعل الذي يتميز بالسيطرة على الأعصاب، وضبط النفس حتى يؤدي الوكيل مهنته على أتم وجه، وعليه أيضاً ألا ينساق وراء أهواء موكله الكاذبة فيكون انفعاله قد بني على أساس غير صحيح، فالخطر أن ينفعل المحامي نتيجة تصديق موكّله من غير تثبت، فيصبح متعصباً، والتعصب ذميم.
هذه الصفات التي تمثل أخلاق المحامي، ويلزم أن يتصف بها، ويجب أن تتوازن، وأن تتكامل في شخصيته، بحيث تجعلها شخصية سوية متوازنة، لا مجال فيها للتناقض الذاتي الذي يُضعِّف فاعليتها، ويفرغ نتائجها من الإيجابيات المرجوة منها. فيجب ألا تُأخذ الشجاعة عنده معنى التهور، وألا يتحول الصبر والحلم إلى تراخ وتفريط، وألا تصبح الأمانة عنده مجرد شعار يتساوى عنده مع الخيانة.
هناك أخلاقيات يجب أن يتَّسم بها المحامي، أو الوكيل بالخصومة. وتتبلور تلك الأخلاقيات في أن تتطابق تصرفاته مع مقتضى القيم الأخلاقية الصحيحة المتعارف عليها. وأن يكون سلوكه المهني أمام جهات الاختصاص القضائي وغيرها من الجهات التي يتعامل معها بحكم مهنته، سلوكاً يتسم بالمحافظة على الشرف والعفة والنزاهة والإخلاص وغيرها من القيم الأخلاقية النبيلة المستقرة بوجدان الإنسان المسلم. وهناك في الوقت نفسه واجبات يجب أن يلتزم بها المحامي، ليسهم بإيجابية من خلال دوره الهام في تحقيق العدالة ونصرة الحق، فيجب أن يتشكل خُلُق المحامي في الإطار الذي يحدده الالتزام الأخلاقي الإسلامي، ومعاييره الأخلاقية التي تميز بين السلوك الأخلاقي وغير الأخلاقي. من ذلك أن يلتزم بالإيمان بالله، والإخلاص، والصدق في القول والعمل، وإتقان العمل، وغيرها من المعايير الأخلاقية الأخرى، لقوله عزَّ وجل }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (سورة التوبة، الآية 105).
إن اضطلاع المحامي بواجباته المتعددة تجاه موكّله، وزملائه والقضاء، بالصورة الإيجابية المطلوبة يؤكد الجانب الأخلاقي الواجب تحقيقه لشخصيته المهنية، ويقوده لأداء واجباته المهنية بالصورة المثلى التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، وتجعله يحوز على احترام المجتمع. وقال تعالى من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (سورة النحل، الآية 97).
إن ذلك الإلتزام يشكل جانباً مهماً من الإطار الأخلاقي الذي يجب أن يتحلى به المحامي للحفاظ على شرف المهنة وكرامتها، ويكتمل ذلك بتوفير القيم الأخلاقية الحميدة التي يجب أن يتصف بها الوكيل في سلوكياته وتعامله مع الجميع، ومن خلال كافة أدواره لممارسة المهنة، ليتمكن من تحقيق العدالة هدفاً وغاية، والارتقاء بأسلوب التعامل والممارسة إلى رفعة المكانة التي تستحقها مهنة المحاماة أو الوكالة بالخصومة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الإسلام يوجه المسلم إلى أن يعمل ويتعاون لمصلحته ولغيره فليس المسلم مسؤولاً عن ذاته وحدها، بل إنه لابد أن يمد بصره إلى جماعة المسلمين، ليتعاون معهم ويتراحم ويتعاطف، ويرشد الناس إلى الحق والخير والفضائل ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا النهج الأخلاقي لازم للمحامي الأمين على حقوق موكله، حيث يكون خير دافع له للوقوف إلى جانب الحق، ورد موكله عن الظلم واللدد في الخصومة إذا لم يكن صاحب حق.
العدل
إن العدالة وثيقة الصلة بالقضاء، والعدل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، وهذا العدل يجب أن يؤسس لدى المحامي على اقتناع كامل بأن الحلال ما أحله الله تعالى، والحرام ما حرمه في كتابه الكريم وسنة نبيه، والعمل بالحلال واجب، والابتعاد عن الحرام ثم التنزه عما فيه شبهة الحرام.
وتحلي المحامي بهذه الصفة الخلقية الحميدة تدعيم لقدراته على إحقاق الحق وإقامة العدالة ومحاربة الظلم، فلا يُغبن أحد الخصوم، بل يعمل على التعامل مع الخصومة على أساس شرعي ترتاح له النفوس، وتنقطع به الخصومة، فيأتي الصلح بعد ذلك على أساس من النقاء والصفاء، لما في ذلك من خير وتقوى.
الأمانة
وهي ركيزة هامة لأخلاق المحامي. والأمانة هي تاج الفضائل. وليس أدل على أهميتها من بيان وخطورة حملها في قوله عزَّ وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (سورة الأحزاب، الآية 72). وقد أمر الله سبحانه وتعالى العباد بتأدية الأمانة والحفاظ عليها، إذ قال سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمًا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً (سورة النساء: الآية 58).
وتقتضي الأمانة أن يراقب المحامي ربَّه، فلا يشتط على الناس فيما يقرره من أتعاب مقابل عمله، وأن يصدق موكّله القول، وينصحه ليهديه إلى جانب الصواب، وأن يكون كاتماً لسره، وأن يُسَهَّل له الوصول إلى حقه بعد كسب دعواه، وألا يزعجه أو يثير الرعب في نفسه، كذلك ألا يطمئنه بإسراف، وأن يعامله في أدب بغير تذلل.
كذلك تتطلب أمانة المحامي أن يُؤْمن بقدسية القضاء، بغض النظر عن شخص القاضي، وأن يكون صادقاً، معاوِناً للعدل بإخلاص، وألا يحاول تعطيل الفصل في الدعوى متعذراً بالأعذار المختلفة، وأن يصون لسانه، فلا يطلقه في سمعة القاضي الذي خذَله، وخاصَّة أمام الموكّل.
وتتطلب الأمانة أخيراً أن يكون المحامي أميناً لخصم موكله بألا يفتري عليه، وينعته بالألفاظ النابية، أو يذكر عيباً أو نقائص شخصية بعيدة عن موضوع الدعوى.
الصدق
الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه في الواقع، وعكسه الكذب الذي هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه. وفي كتاب الله سبحانه وتعالى فيض من الآيات البينات في الثناء على هذه الفضيلة، وكونها ثمرة الإخلاص والتقوى.
وغني عن الذكر، ضرورة أن يتحلى المحامي بهذه الصفة، فهو أمين على حقوق موكله، فيجب أن يصدقه القول في كل شأن، وأن يقدم له رأياً صادقاً صريحاً في موضوع الدعوى وفي نتيجتها المحتمة، وألا يلجأ للكذب بتضخيم دوره وخدماته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الجهد الذي يبذله.
الصبر
أكد الإسلام على الصبر ليجعل الإنسان المسلم ناجحاً وذا فائدة وشخصية قوية، ويصبح إنساناً ذا عزم وهِمَة ونشاط وثبات، وإذا كان الصبر قوام الحياة كلها، فإنه ألزم ما يكون من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي، ذلك أن الصبر ضبط لهوى النفس، وفيه تحقيق لصفة الإنسانية، وتقويه لأواصر المجتمع. فيجب على الوكيل بالخصومة أن يتحلى بالصبر ليصل إلى حق موكله المشروع إقامة للعدل.
تجنب النفاق
إن المحامي صاحب رسالة، فيجب ألا يكون منافقاً أو متملقاً؛ إذ إنه يعبر عن خلق قويم، ويمثل رأياً منصفاً، وينصر حقاً على باطل. والنفاق صفة مذمومة نهى عنها الإسلام، قال نبي الله سيدنا المصطفى محمد
الثقة بالنفس
ثقة المرء بنفسه من أهم مقومات الشخصية، وهي تضفي على الشخص مظهراً يُوحي للناس باحترامه، وتقديره، ويدفعهم إلى التعامل معه والوثوق به، وتحيطه بهالة من التبجيل، بحيث يُصْغَى إليه عند الحديث، ويُخْشَى عند الغضب. والمحامي هو أحوج الناس بالثقة بالنفس، ليتمكن من أداء عمله بوضوح، وليس للإنسان منهج حياة أفضل من إتباع أوامر الله عزَّ وجل ليكون عمله وتصرفه بنور الله.
الشجاعة
إن الشجاعة التي يجب أن يتحلى بها المحامي هي شجاعة الرأي، وهي أسمى أنواع الشجاعة، فهو يواجه المواقف التي تعترضه برأيه ومبادئه، ويحارب الظلم بلسانه وقلمه، وسنده في ذلك أنه يكافح الظلم سعياً لإقرار العدل، ونصرة الحق، كما تعتبر صفة الشجاعة في علم النفس الاجتماعي الحديث من مقومات الشخصية.
وشجاعة المحامي تستلزم منه خُلقاً قوياً، وإيماناً أكيداً وثيقاً بإقامة العدل.
إن شجاعة المحامي تتجلى أمام صاحب الدعوى الذي يأتي ليوّكله، ويواجهه بالحقيقة سافرة إن كان على باطل، وأن يرده إلى جادة الصواب، وإن كان هذا لا يروق للبعض؛ إذ يعتبرونها قطعاً للأرزاق، ولكن الإيمان بالله، ثم الإيمان بالواجب، يقتضي من الوكيل شجاعته الأدبية، وعليه أن يتمسك بهذا النوع من الشجاعة وليؤمن أن الأرزاق بيد الله عزَّ وجل.
وبهذه الشجاعة، على المحامي أن يواجه رجال القضاء بما يتناسب مع طباعهم وأخلاقهم، يواجههم بعلمه، ويساعدهم في الوصول إلى الحق حسب ما يمليه عليه ضميره وأخلاقه.
وكذلك يجب أن يتمتع المحامي بشجاعة أمام خصمه مهما كان صاحب نفوذ، وسطوة، وسلطان، وحيلة، فلا يهابه، وأن يؤديَ واجبه كاملاً دون خوف أو وجلٍ أو قلق.
نبالة المحامي
المقصودُ أن يكون المحامي مؤدب الألفاظ، لا ينعت خصم موكله بالألفاظ النابية، أو يعيره بسِّيئة أو يقدح فيه؛ لأن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخلاقاً رفيعة المستوى نبيلة الخلائق، كما أنها تُلزِم الوكيل بالخصومة بأن يسلك الطريق المشروع المبني على الحقيقة والواقع في الدفاع عن موكله، لا أن يختلق الوقائع ظلماً أو افتراءً للدفاع عن موكله. كما جاء في إحدى القضايا حيث كان أحد المحامين يترافع عن متهم سارق دخل منزلاً في جوف الليل وضُبط متلبساً، فإذا بالمحامي يشير إلى أن هناك علاقة غير شرعية بين صاحبة المنزل وهذا الشخص ولم يكن لصاً. فمثل هذا الموقف يتعارض مع نبالة المهنة.
التفاعل مع الدعوى
تفاعل المحامي هو معايشته لدعوى موكله من جميع الجوانب، لينعكس ذلك في مرافعاته لإبراز وجه الحق في الدعوى، وهذا التفاعل يختلف عن انفعال الغضب الذي لا مجال له في المهنة، فالمقصود بذلك هو التفاعل الذي يتميز بالسيطرة على الأعصاب، وضبط النفس حتى يؤدي الوكيل مهنته على أتم وجه، وعليه أيضاً ألا ينساق وراء أهواء موكله الكاذبة فيكون انفعاله قد بني على أساس غير صحيح، فالخطر أن ينفعل المحامي نتيجة تصديق موكّله من غير تثبت، فيصبح متعصباً، والتعصب ذميم.
هذه الصفات التي تمثل أخلاق المحامي، ويلزم أن يتصف بها، ويجب أن تتوازن، وأن تتكامل في شخصيته، بحيث تجعلها شخصية سوية متوازنة، لا مجال فيها للتناقض الذاتي الذي يُضعِّف فاعليتها، ويفرغ نتائجها من الإيجابيات المرجوة منها. فيجب ألا تُأخذ الشجاعة عنده معنى التهور، وألا يتحول الصبر والحلم إلى تراخ وتفريط، وألا تصبح الأمانة عنده مجرد شعار يتساوى عنده مع الخيانة.
د.ناصر عبدالله ناصر المعيليل.م.ج.ق.ح