تابع03...
إذ قد يحصل الاتفاق على اعتبار التسليم حاصلا بمجرد تسليم مستندات الشحن للمشتري، و لو لم يصل المبيع إلى هذا الأخير، و تكون تبعة الهلاك آنذاك على عاتق المشتري أثناء فترة النقل.
و تسليم المبيع هو مجرد التزام يقع على البائع و ليس شرطا لصحة البيع، و تبعا لذلك قضى المجلس الأعلى بنقص وإبطال القرار الصادر عن مجلس قضاء سكيكدة القاضي بفسخ عقد بيع محل تجاري على أساس أن البيع غير تام لعدم تسليم المبيع، ولقد سبب المجلس الأعلى قراره كما يلي(1
" و حيث أن المادة 361 من القانون المدني نصت على التزام البائع بأن يقوم بما هو لازم لنقل الحق المبيع إلى المشتري، و أن يمتنع عن كل عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق المبيع عسيرا أو مستحيلا .
و نتيجة لذلك، فإن كل ما قام به البائع من إجراءات التقاضي لإخلاء المحل المبيع من محتليه تمهيدا
لتسليمه خاليا من أي حق مرتب عليه، إنما يندرج في إطار القيام بما هو لازم و ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشترين، و أن ما اعتمده القرار المطعون فيه في فسخ العقد العرفي، لكون البيع غير تام لعدم تسليم المبيع، لم يبرر قانونا، كما أن إلغاء الحكم المستأنف لم يسبب إطلاقا، فخالف بقضائه نص المادة
362 من القانون المدني و جاء منعدم الأسباب، خاصة و أن التأخر في تسليم المبيع يرجع أساسا إلى البائع الذي تقاعس في تنفيذ إلتزامه بتسليم هذا المبيع رغم استلامه لثمنه كاملا سنة 1966، لذلك يكون القرار المطعون فيه قد خالف نص المادة 362 من القانون المدني المذكورة وانعدم فيه الأساس القانوني للحكم و الأسباب فاستوجب النقض " (2
ثانيـا: مكان و زمان التسليم
تخضع هذه المسألة للقواعد العامة في العقود، و هذا بموجب المادتين 281 و 282 من القانون المدني، و هي قواعد مكملة، لا يلجأ القاضي إلى تطبيقها إلا في حالة انعدام اتفاق أو نص قانوني مخالف.
مكان التسليم:
مبدئيا يكون مكان التسليم هو مكان تواجد الشيئ أثناء البيع، لأن المشتري يصبح مالكا عند تلك اللحظة، مما يفسر بأن على المشتري سحب المبيع و دفع مصاريف النقل في البيوع عن بعد في القانون الفرنسي
أما إذا تعلق الأمر بأشياء محددة بالنوع فقط ، يكون مكان التسليم هو مكان فرزها، و لا يعد هذا إلا تطبيقا للقاعدة العامة القائلة بأن : " الدين مطلوب و ليس محمول " فالتسليم ليس شيئا آخر من كونه وفاءا من طرف البائع لالتزامه، و هذا يجعله مطلوبا، و تبعا لذلك نصت المادة 282 من القانون المدني على أنه:
.................................................................................................................................
1ـ قرار في 25/10/1986 ، ملف رقم 42369
2 ـ المجلة القضائية لسنة 1989، العدد الثاني ص 132
" إذا كان محل التزام شيئا معنيا بالذات، وجب تسليمه في المكان الذي يوجد فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بخلاف ذلك.
أما في الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء، أو في المكان الذي يوجد فيه مركز مؤسسته إذا كان الإلتزام متعلقا بهذه المؤسسة ".
و تبعا لذلك فإن تسليم المبيع المعين بنوعه فقط يتم في مكان الفرز أي موطن البائع وقت الوفاء، و إذا كان الإلتزام متعلقا بمؤسسة البائع، مثل مخزن تواجد السلع غير المعنية بذاتها، فإن الفرز و التسليم يتمان بمقر تلك المؤسسة.
و في البيوع الدولية ، يكون تحديد مكان التسليم ضروري، لأن وصول السلع إلى مكان التسليم يحدد في أغلب الأحيان نقل المخاطر، و يكون القاضي الوطني مختصا في حالة النزاع (1)، و لقد حددت اتفاقية فينا بتاريخ 11/04/1980 مكان التسليم أين يجب تسليم السلع للناقل الأول، و عند انعدامه يكون بمؤسسة البائع (المادة 31). و في العمل يتفق الطرفان على مكان التسليم باختيار أحد أنماط التسليم المعروفة وفق الشروط التي تعدها غرفة التجارة الدولية منذ سنة 1953 و المعدلة خلال سنة 1990.
وفي الحالة التي يتم فيه التسليم بواسطة مناولة السندات، فإن تلك المناولة يجب أن تتم بموطن البائع، و بالطبع فإن تلك القواعد ليست إلا مكملة فقد يحدث عادة أن يستبعدها المتعاقدان، بأن يشترطا أن يكون التسليم المادي على عاتق البائع و نتكلم آنذاك عن بيع مصحوب بالتسليم المادي
وهذا التعهد من البائع بإيصال المبيع إلى المشتري لا يجعل المخاطر دائما على عاتق البائع في القانون الفرنسي على خلاف القانون الجزائري الذي جعل المخاطر على البائع قبل التسليم كقاعدة عامة.
في القانون الجزائري تكون نفقات التسليم أو مصاريف النقل إذا وجب تصدير البيع إلى المشتري على عاتق البائع إلا إذا وجد اتفاق على خلاف ذلك (المادة 368 المذكورة أعلاه.
- 2 ـ زمان التسليم :
في غياب شرط مخالف في العقد أو نص قانوني مخالف، يترتب الالتزام بالتسليم فورا، لكن يقبل القضاء وجود ميعاد معقول حسب طبيعة المبيع، و تبعا لذلك نصت المادة 281 من القانون المدني على أنه :
" يجب أن يتم الوفاء فور ترتيب الالتزام نهائيا في ذمة المدين، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ".
و إذا حدد ميعاد وجب احترامه، و يقبل في المواد التجارية بأن ذلك الميعاد قد يكون مجرد تحديد تبعا للعادات و زيادة على ذلك يعتبر تعسفيا كل شرط يعفي البائع من المسؤولية في حالة التأخر عن التسليم.
غير أنه باستطاعة البائع إعمال استثناء عدم التنفيذ و يرفض القيام بالتسليم ما دام المشتري لم يدفع الثمن، في البيوع الفورية على الأقل، و تبعا لذلك نصت المادة 390 من القانون المدني على أنه :
" إذا كان تعجيل الثمن كله أو بعضه مستحق الدفع في الحال جاز للبائع أن يمسك المبيع إلى أن يقبض الثمن المستحق و لو قدم له المشتري رهنا أو كفالة هذا ما لم يمنحه البائع أجلا بعد انعقاد البيع.
يجوز كذلك للبائع أن يمسك المبيع، حتى و لو لم يحل الأجل المتفق عليه لدفع الثمن، إذا سقط حق المشتري في الأجل طبقا لمقتضيات المادة 212.
و تبعا لذلك بإمكان البائع الإمتناع عن تسليم المبيع للمشتري في حالتين :
ـ الحالة الأولى : أن يكون الثمن واجب الدفع فورا
أي أن يكون دفع الثمن معجلا، أي أن أجله يحل فور انعقاد البيع، فإن البائع في مقدوره أن يحبس المبيع و لا يسلمه للمشتري لغاية أن يقبض الثمن المستحق كله أو بعضه، و لا يمكن للمشتري أن يطلب تسليم المبيع و لو قدم للبائع ضمانا على دفع الثمن، و المتمثل في رهن لمنقول أو كفالة.
و يجوز للبائع بعد انعقاد البيع و استحقاق الثمن أن يمنح أجلا للمشتري لدفع الثمن، و آنذاك يكون لزاما عليه أن يسلم المبيع لهذا الأخير، و هذا لكون الإلتزامين لم يصبحا حالي الأداء في وقت واحد، فإذا كان التزام البائع بتسليم المبيع قد حل أجله، فإن التزام المشتري بدفع الثمن صار مؤجلا تطبيقا للأجل الذي منحه البائع للمشتري، و معنى ذلك أن الحق في حبس المبيع لم يصبح في مقدور البائع استعماله.
و يحتج على الغير بحق الحبس المعترف به له، كما هو الحال بالنسبة للمشتري من الباطن، و في البيوع المؤجلة يسمح إفلاس المشتري للبائع بتعليق التسليم على إيداع كفالة، و مادام لم يسلم الشيء الذي انتقلت ملكيته للمشتري، يقع على عاتق البائع التزام بالحفظ.
الحالة الثانية : حالة فقدان المشتري للإستفادة من الأجل
باستطاعة البائع حبس المبيع، حتى و لو لم يحل الأجل المتفق عليه لدفع الثمن إذا فقد المشتري لحق الإستفادة من الأجل طبقا لمقتضيات المادة 211 من القانون المدني، كما في حالة شهر إفلاس المشتري .
غير أنه يجوز للدائن إذا خشي إفلاس المدين، أن يتمسك بالحبس، كما أنه من حقه المطالبة بتأمين عيني أو شخصي مقابل تسليمه للمبيع، و كذا الأمر إذا خشي عسر المشتري، على أن يستند في ذلك إلى سبب معقول، و إذا هلك المبيع بين يدي البائع أثناء ممارسة هذا الأخير لحق الحبس، فإن الهلاك يتحمله المشتري، ما لم يكن قد نتج عن فعل البائع طبقا للمادة 391 من القانون المدني الجزائري.
فالمشتري يتحمل تبعة الهلاك لأنه هو الذي تسبب في عدم التسليم بإحجامه عن دفع ثمن المبيع، غير أنه إذا كان الهلاك بسبب فعل صادر عن البائع أي عن خطئه، فإن الهلاك يقع على مرتكب الخطأ طبقا للقواعد العامة، و على المشتري أن يثبت أن هلاك المبيع ناتج عن خطأ البائع، و على هذا الأخير إثبات العكس بجميع الوسائل لأن الأمر يتعلق بواقعة مادية.
ـ محــل التسليــم:
محل التزام البائع هو الشيء المتفق عليه أي الشيء المبيع و كذا توابعه، مادية كانت أو إدارية أو قانونية، كما يجب التطرق إلى حالة النقص و الزيادة في المبيع.
أولا: الشيء المتفق عليه:
هو محل التنفيذ في عقد البيع، و يجب أن ينصب التسليم بوضوح على المبيع، كما هو معرف في العقد، إذ يجب على البائع تسليم ذلك الشيء طبقا لذلك التعريف، و لا يمكن أن يقوم بتعويضه بشيء آخر حتى و لو لم يبد ذلك ضارا.
و مثال ذلك، أنه باستطاعة مشتر لكتاب مرقم أن يطلب بالرقم المتفق عليه دون سواه، كما يستطيع مشتري الأثاث أو السيارة المطالبة باللون المتفق عليه و ليس لونا آخر لا يختلف عنه إلا اختلافا طفيفا، و كذلك إذا انصب البيع على شقة، لا يف البائع بالتزامه بالتسليم بأن ينقل حصصا في شركة عقارية تعطي الحق في تلك الشقة.
1 ـ بالنسبة للبيوع العقارية:
يجب أن ينص في العقد على مساحة العقار، خاصة إذا كان أرضا، و نادرا ما ينص على مساحة الشقق، لكن يذكر فقط عدد الغرف المتكونة منها، مثل غرفتين و صالون و حمام و مطبخ، و بالنسبة للقانون الجزائري فإنه تطبق قواعد النقص و الزيادة في مقدار المبيع و التي سوف نتعرض لهالاحقا.
2 ـ بالنسبة لبيوع السلع:
لنكون بصدد مطابقة التسليم للشيء المتفق عليه، يجب ان ينصب على المقدار و النوعية المتفق عليها، خاصة إذا حصل البيع بالعينة أو تبعا لنماذج مهنية فالتسليم هنا عبارة عن التزام بتحقيق نتيجة.
إذا لم توضح النوعية في العقد، و جب على البائع تسليم شيء من نوعية " سليمة و سوقية في القانون الفرنسي، ولا يقتصر ذلك على معدل بسيط بل يجب أن يكون المبيع من نوعية صحيحة، لها علاقة بالتخصص العادي للمنتوج.
أما في القانون الجزائري، فإن نوعية المبيع ودرجته تخضع لاتفاق المتعاقدين، أو طبقا للعرف أو أي ظرف آخر، و إلا وجب على البائع تسليم شيء من نوعية متوسطة، و هذا طبقا للقاعدة العامة المذكورة في المادة 94/2 من القانون المدني.
و المقصود بذلك هو عدم الإضرار بالبائع في حالة اشتراط أن يكون التسليم لشيء من نوعية رفيعة، و كذا عدم الإضرار بالمشتري في حالة تسليم شيء من نوعية منحطة أو رديئة.
و بالنسبة لبيع الأشياء القديمة يجب تسليم الشيء على الحالة التي كان عليها أثناء تطابق الإرادتين.
- ثانيــا: توابع الشيء:
على خلاف القانون الفرنسي، لم ينص القانون الجزائري على توابع الشيء، و التي يجب أن يسلمها البائع مع المبيع و يعني ذلك أن البائع في القانون الجزائري ليس ملزما بتسليمها للمشتري، بل أنه ملزم بذلك تبعا لطبيعة المبيع و كذا للعرف الجاري العمل به، و يسميها البعض ملحقات المبيع.
و قد تكون تلك التوابع إما مادية أو إدارية أو قانونية حسب ما ورد في القانون الفرنسي.
1 ـ التوابع المادية :
أدرجت المادة 1615 من القانون المدني الفرنسي صراحة في تسليم الشيء : " توابعه وكل ما هو مخصص لاستعماله الأبدي " و تشير هذه العبارة على الخصوص إلى الأشياء المرتبطة بمنزل و أصبحت عقارات بالتخصيص، مثل التماثيل الموضوعة في المشكوات و المرايا المثبة فوق المداخن، و أثاث المطبخ المهيأ.
و يتعلق الأمر في البدء بالتوابع المادية للشيء، مثل عجلة النجدة مع السيارة، صناديق التعبئة مع المنتوج الخ... و يتعلق الأمر أيضا بثمار الشيء منذ البيع، مثل بدلات الإيجار، الغلال، منتوج حيوان الخ...
2 ـ التوابع الإدارية :
بالنسبة للأشياء التي تكون محل وثائق إدارية (مثل البطاقة الرمادية للسيارات) تردد القضاء في البدء بالقول بأن انعدام البطاقة الرمادية لا يمنع السيارة من السير .لكنه قرر اليوم بأكثر تمعن بأن يجب أن ينصب على " الوثائق التي لا يستغني عنها لاستعمال عادي للسيارة تعد من توابعها "
. و يطبق الحل نفسه على وثائق الحيوان و بالطبع يجب أن تكون تلك الوثائق صحيحة و صريحة.
3 – التوابع القانونية :
يتعلق الأمر هنا بحقوق مرتبطة بالشيء، بحيث أنها تشكل توابعا و تنتقل معه.
-كما هو عليه الحال في المحل الأول بالنسبة للحقوق العينية المرتبطة بشيء ، و هي الارتفاقات فهي بطبيعتها تتبع المال في أي يد انتقل إليها، و تنتقل بالضرورة للمشتري .
- و كما هو عليه الحال أيضا بالنسبة لبعض العقود، و التي بالرغم من مبدأ الأثر النسبي، تكون أكثر ارتباطا بالمال بحيث لا يمكن فصلها عنه.
و بموجب نصوص خاصة تتبع بذلك الشيء المبيع مثل الإيجارات، عقود التأمين، عقود العمل، و العقود الضرورية لنشاط الشركة في حالة التنازل عنها تبعا لإجراء الإنعاش، و لقد مدد القضاء هذا الحل إلى فرضيات أخرى مثل عقود التوريد لمحل تجاري، و عقود صيانة آليات، و زيادة على ذلك من المعتاد أن يتفق الطرفان صراحة على حوالة العقد ، و التي لا يحتج بها على المتعاقد الآخر إلا بقبوله لها، كما أن الاجتهاد القضائي الأخير، نقل الدعاوى القضائية المرتبطة بالشيء إلى المشتري كتابع له، فقد صرحت محكمة النقض عند انعقادها في إطار جمعية كاملة مبدئيا بأن : " المشتري الفرعي يتمتع بكل الحقوق و الدعاوى المرتبطة بالشيء والتي كانت تنتمي للمالك " فالمشتري يتحصل إذن على الصفة لمباشرة الدعاوى القضائية التي كان يتمتع بها البائع ضد الغير، و هكذا باستطاعة المشتري الفرعي رفع دعوى عقدية ضد الصانع.
- حالة النقص و الزيادة في المبيع :
نصت المادة 364 من القانون المدني الجزائري على أنـه:
" يلتزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع ".
و تبعا لذلك، و لكي ينفذ البائع التزامه بتسليم المبيع على الحالة التي وجد عليها أثناء التعاقد، يجب عليه من باب أولي المحافظة على المبيع لحين تسليمه، وتبعا لذلك نصت المادة 167 من القانون المدني على أن:
" الالتزامات بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم ".
وإن كان الالتزام بالتسليم هو التزام ببذل عناية رب الأسرة الحريص طبقا للمادة 172 من القانون المدني بقولها :
" في الالتزامات بعمل، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء، أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي، ولو لم يتحقق الغرض المقصود، هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك. وعلى كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم ".
وإذا عين في العقد مقدار المبيع، وجب على البائع أن يسلم المقدار المتفق عليه، لكن ما حكم النقص والزيادة في مقدار المبيع ؟
1 ـ حالة النقص في مقدار المبيع :
عالجت هذه الحالة الفقرة من المادة 365 من القانون المدني بقولها :
" إذا عين في عقد البيع مقدار المبيع كان البائع مسؤولا عما نقص منه بحسب ما يقضي بع العرف.
غير أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في البيع إلا إذا أثبت أن النقص يبلغ من الأهمية درجة لو كان يعلمها المشتري لما أتم البيع .... ".
وتبعا لذلك يكون البائع مسؤولا عما نقص في مقدار المبيع في حالتين، كما يكون غير مسئول في حالتين أيضا وسوف نتناولهما تباعا
ـ الحالتين اللتان لا يسأل فيهما البائع عن النقص في المبيع :
إذا راجعنا نص المادة 365 / 1 أعلاه نستنبط حالتان لا يكون فيهما البائع مسؤولا عما نقص في مقدار المبيع وهما:
ـ الحالــة الأولى :وتتمثل في أن يتفق البائع والمشتري في العقد ببند صريح على أن لا يسأل البائع عما ينقص في مقدار المبيع بعد التسليم، لأن أحكام المادة 365 أعلاه ليست آمرة، بل مكملة لإرادة المتعاقدين في حالة انعدام الاتفاق، وعليه تستبعد المقتضيات القانونية في حالة وجود اتفاق صريح بين الطرفين .
ـ الحالــة الثانية: أن يكون النقص في المبيع مما يتسامح فيه طبقا لقواعد التعامل بين الأطراف، أي طبقا للعادات والأعراف، فإذا كانت العادة المطبقة والمتعارف عليها هي التسامح في نقص بسيط في المبيع، فإن البائع يتحرر من المسؤولية، ومثال ذلك أن يبيع شخص لأخر كمية من العلف على أنها عشرون قنطارا، فإذا في المبيع بعد تسلمه ووزنه بأنه تنقص فيه عشرة كيلوغرامات، فإن هذا النقص مما يتسامح فيه العرف بالنظر إلى كمية المبيع.
مع الإشارة بأنه على القاضي معرفة عرف المنطقة لاختلاف العادات من منطقة لأخرى، فما يتسامح فيه في منطقة معينة لا يتسامح فيه في منطقة أخرى، وإذا طبقت القاعدة العرفية لا يكون البائع مسئولا عن النقص المتسامح فيه، وليس للمشتري أن يطلب إنقاص الثمن أو تكملة القدر الناقص من فسخ العقد.
ب) ـ الحالتان اللتان يسأل فيهما البائع عن النقص في المبيع :
وتتمثلان في الحالة التي لا يتسامح فيها على النقص في مقدار المبيع طبقا للعرف، والحالة التي يكون فيها النقص جسميا.
الحالة الأولى النقص البسيط الذي لا يتسامح فيه طبقا للعرف: إذا كان العرف لا يسمح بالنقص في مقدار المبيع أو لا يتسامح مع النقص في المقدار إذا تجاوز نسبة معينة، فإن البائع يكون مسؤولا عن ذلك النقص، وباعتباره ليس جسميا فليس للمشتري أن يطلب فسخ البيع بل عليه أن يطلب إما إنقاص الثمن في